أحلام محطمة ...
بعد أن رتبت أمتعتها بعناية داخل حقيبة السفر تذكرت أحلامها الجميلة الرقيقة , حملتها بحنان
بين يديها ووضعتها بهدوء داخل علبتها الملونة لتستريح كأميرةٍ متوّجة بين أمتعة الرحيل ..
غادرت مسرعة نحو الطائرة , حلّقت في سماء الأمنيات حتى وصلت إلى مرفأ الغربة الموعود هناك تاهت وسط عجلات الوقت وزحمة الحياة وشقاء البعد وفوضى الناس وقلق الركض نحو المجهول ونسيت تلك العلبة التي وضعت فيها أحلامها قبل أن تغادر وطنها , فلم تتذكرها إلا وهي تحزم حقائبها من جديد للعودة بعد أن أصبحت وجهاً تعلوه تضاريس الغياب المضني , وفكراً تنهشه هواجس الخوف والوحدة , وقلباً تحجرت فيه المشاعر والعواطف , وروحاً تهيم بحثاً عن الأمان ...
بحثت عنها فلم تجدها وسط تلك الأكداس التي امتلأت بها الحقائب , فتوقفت عن البحث , وعندما وصلت إلى ذلك المكان الذي تركته منذ أعوام طويلة أجالت نظرها في زواياه المتآكلة وأثاثه القديم , وعادت بها الذكريات إلى ذلك اليوم حيث أغلقت باب منزلها وأسرعت نحو عالم جديد حاملةً أحلاماً رائعة جميلة لم تفطن إليها طوال سنين غربتها !!
ركضت مذعورة نحو حقائبها المتراصة تفرّغها بحثاً عن تلك الأحلام فوجدتها داخل العلبة تأن من الشحوب والضعف , وقد علتها طبقات رمادية من غبار الزمن...
صعقتها المفاجأة وأصاب عقلها الذهول ولم تعد يديها تقوى على حمل علبة أحلامها القديمة فسقطت على الأرض التي ولدت عليها منذ سنين مضت وتحطمت وأمست بقايا مهشّمة
نظرت إلى ذلك الحطام الذي أصاب أحلامها وانهمرت دموع الانكسار والانهزام والحسرة من عينيها لقد أدركت أنّها عاشت وهماً وسراباً بينما الحقيقة كانت قريبة منها , متوارية عنها وعندما فطنت إليها تحطم كل شيء ..