حكاية



حــكـاية


هناك في إحدى زوايا العالم بيتٌ فوق رابية بعيدة يقبع في ذلك المكان منذ سنين , ينظر بفرحٍ لأطياف الذكريات التي رافقته وتآلفت مع حجارة جدرانه الغضة , وبصبرٍ إلى صور الراحلين في عربات النهاية التي غادرته نحو المجهول وتركته يصادق وحدة المكان وغربة الأيام ...
ذات مساء طرقت بابه بنعومةٍ يد الأمل القادمة مع نسيم ليلٍ راقٍ متأنق بردائه الحريري وعطره الرائع , وهمساته المرهفة , فابتسمت الحياة وأرسلت بوميضٍ من نور إلى ذاك الباب كي يسمح للفرح والتفاؤل بالدخول دون خوفٍ أو حذر !
امتثل الباب لأوامر الحياة وفتح مصراعيه محتضناً الأمل مرحباً بقدومه , ومصافحاً ذاك النسيم الساحر الذي نشر الطيب والراحة في أرجاء المكان ..
لكن الأمل الطيب لم يكن حذراً وهو يجول فوق ركام الحزن ويخترق ضباب السكون المخيف كي يبدد الوحشة ويلون العمر بألوانٍ مشرقة , ويضيء عتمة الغربة والوحدة , فاقترب من نوافذ مغلقة منذ أعوام علاها غبار الزمن وأصبحت باهتةً شاحبة لكثرة ماتعرضت له من نكباتٍ وانكساراتٍ وانهزامات , لم يعرف الأمل أنه بإصراره على فتح تلك النوافذ العتيقة بآلامها سيعطي فرصةً ذهبية لتلك العواصف والأعاصير التي تهدر بأصواتها خلف تلك القضبان الحديدية والألواح الخشبية كي تدخل وتعيث في المكان فوضى ذكرياتٍ وأحزانٍ منسية , وتحطم قواريراً اختبأت في جوفها ورود وأزهار زرعتها أيامٌ جميلة مضت بعد أن سقتها بمياه الإصرار والإرادة لتنبت وسط صحراء الحياة بجمالٍ وشموخ....
لقد بدأ مع دخولها الصراع الرهيب مع نسمات الأمل لإجبارها على الهروب والرحيل , وكانت معركة شرسة انتهت بأن خرجت العواصف والأعاصير منهكة بعد أن أسدلت الستائر وأغلقت النوافذ من جديد , وأصبح المكان مثيراً للشفقة والبكاء لكن الأمل الصامد لم يهرب ولم يغادر بل بقي واقفاً أمام ذلك الباب مع نسائمه يعطي نوراً ودفئاً ويهب من رحمته وحنانه القوة والشجاعة ويبدد ضباب اليأس واعداً بعودةٍ جديدة تحمل فوق صهواتها حياةً أكثر جمالاً , معاهداً أن يبقى على ذاك الباب حامياً له من سطوات الحزن , مؤنساً للحظات الخوف , محارباً لزوابع الشّر , ناشراً الحب في كل الأرجاء ...

تيك توك

 حساب جديد  على التيك توك https://www.tiktok.com/@wardmuhamad?lang=ar