عاد الخريف

عاد الخريف

 

 

عاد الخريف , وبدأ سكون المكان وصمت الأيام يعزفان نغمات الحنين برنين لاتسمعه سوى الذاكرة ولايهتز له سوى القلب ..

وعلى تلك الأغصان الذابلة التي انحنت وسط ظلمة الوحدة وبرودة الغربة تهتز أوراقٌ من العمر , لوّنها الزمان بألوان باهتة شاحبة بريشة الأحزان وألوان الفراق .....

هاتف

هاتف

الرقم يشبه ذاك الرقم الذي رحل  , لكنه أصبح غريباً , شاحباً , بلا روح أو دفء أو لهفة !!

لقد تيقنت الآن أن قواعد الزمن لاتتكدس إلا عندي بكل مافيها من ألم وفراق وحنين ؟!

فقدت ذاكرة الشوق وعفوية الكلمات ومع ذلك لازال هناك بقية من الحنين تأبى إلا أن تقول لك بصمت ,عيد سعيد , لعل لغة الصمت التي تنساب على أوراقي كامرأة تتدثر بخمارها وتتعثر في سيرها وتختبيء خلف جدران غربتها والتي  أصبحت أتقنها أكثر من أي لغة في هذا العالم تجيب على هاتفك الغامض المجهول !!!!

همسة

همسة

كلما أردت ترتيب جدولي للحضور إلى عالمك بشكل يومي , يُبعثرني صوت جرس الحقيقة بأني لم أعد تلك الفتاة الصغيرة التي تجلس على مقاعد الانتظار كي تلمحك من بعيد , ولم تعد تلك الحالمة التي تهيم بكلماتك وتطير هائمة في فضاء أفكارك .

قسوة القدر

قسوة القدر

هناك أقدار تجمع وهناك أقدار تفرّق وهذه هي الحياة أرجوحة بين شجرة الفرح وشجرة الحزن ؟!

ولكن قسوة القدر أن تجمعني بك الأقدار ثانية على نفس الأرض وتفرق بيننا جدران الكبرياء والصمت !!!!

همسة

همسة

 

لاأدري من الذي قال يوماً يكفي أن نكون أنا وأنت نتنفس من نفس الهواء ونقيم تحت نفس السماء وتجمعنا أرض واحدة مع أننا لانتقابل

حقيقة هي تلك الكلمات فأنا عزائي الوحيد رغم كل هذه الأيام والسنوات أنني يوماً تعرفت بك وكانت بيننا أحاديث هامسة ردمتها عاصفة الفراق برمال البعاد فأصبحت لغة الصمت هي اللغة الوحيدة التي تربط بين أرواحنا لأنها أصدق وأبلغ من كل الكلمات !!!!

رفقاً بأرواحنا

رفقاً بأرواحنا

 

رفقاً بأرواحٍ لاتهدأ عن الرحيل كل يوم نحو صقيع الخوف , وحريق الحرب , وزلزال الموت , وعاصفة الفراق .

أرواح لم تعرف السكينة والراحة , تتأرجح على جسر الحقيقة والواقع , تنظر إلى ما حولها من ظلم ودمار وضحايا فتفر هاربة إلى المجهول والخيال لتختبيء من أهوال الأيام وغدر الأعوام , وعندما يحل الليل تتسلل إلى عالم الكوابيس الذي لاتجد سواه حاضراً في هذا الزمان القاتم لتخوض رحلاتها المخيفة ضمن سراديبه المفزعه .

هكذا باتت تلك الأرواح تعيش في عوالم مظلمة فرضتها قرارات شريرة وحكومات ظالمة لتحول حياتنا إلى سلسلة من الكآبة والملل والقلق وتدمر أحلى لحظات العمر في حروب وفتن ومؤامرات وتهجير وموت لايرحم أحداً .

فرفقاً ياعالم الأشرار بتلك الأرواح البريئة

وتلك الأرواح الحالمة

وتلك الأرواح الآمنة

وحتى بتلك الأرواح التي انتقلت إلى عالم آخر ويؤلمها ماتركته وراءها على هذه الأرض .

لاتعيبوا عشقنا لعواصم التاريخ

لاتعيبوا عشقنا لعواصم التاريخ

يعيب علينا البعض عشقنا لأرض اللجوء التي فيها ولدنا وفيها لعبنا وفيها عشنا كل الفصول والأيام والأعوام , فهل كانت يوماً بغداد وبيروت ودمشق ملكاً لأحد سوى للزمان وللحضارة والتاريخ ؟!

وهل أصبحت ذكريات الطفولة عاراً علينا إن عشقنا هواء من درجت أقدامنا الصغيرة على مساحات ترابها واحتضنتنا برحمة وقبلنا نسماتها ببراءة ؟

هل يستطيع أحد أن يمحو سنواتٍ من عمره قضاها في مدنٍ حيث أوصلتنا إليها عواصف الرحيل والغربة وباتت جزءاً متمكناً من عمرنا وتاريخنا وحياتنا ؟!

لقد وجدنا أنفسنا جيلاً بعد جيل نعيش ضمن طقوس تلك العواصم التاريخية , نتجول في أحيائها ونشرب من مائها ونأكل من طعامها , نفرح لأعيادها ونبكي لمأساتها , نتفاعل مع أحداثها بكل أحوالها , لم ننتظر منها أكثر ولم تنتظر منا الأكثر !!! إنها علاقة بيننا وبين كل ما كان على أرضها من تاريخ وحضارات لأننا شاء من شاء وأبى من أبى أصبحنا جزءاً من تاريخها وحضارتها , وانتمائنا لم يكن يوماً لأشخاص بل لتاريخ تلك العواصم والمدن , فالأشخاص زائلون والمدن باقية والعمر يمضي حاملاً ذكريات لايمكن نسيانها بكل مافيها من فرح وبكاء ووداع ورحيل وموت وحياة , فلا يستطيع إنسان أن يقتلع ذكريات حياته من أرض عاش عليها فقط لعدم انتمائه لها ولايمكن لإنسان أن يُطالب بعدم حبه ووفائه لوطن ولد وعاش فيه لأنه ليس وطنه الحقيقي !!!

فوجودنا في أراضي الشتات لم يُنسينا أرضنا وحبنا لتلك المدن لم يزيل حبنا الأبدي الذي يسري في دمائنا لمدننا الفلسطينية التي انتقل عشقنا لها بالدم والروح من أجدادنا وآبائنا

ثمّ من قال أنّ تلك المدن العريقة بتاريخها هي ملك لأحد سوى من هو وفي لحضاراتها وجمالها وأصالتها .......

                                        

لماذا تغيرنا ؟

لماذا تغيرنا ؟

لماذا تغير كل شيء بداخلنا ؟!

لم يعد لنا شوق لأشياء نحبها , ولم يعد لنا قناعة بأمور كنا نحترمها !!

نسيم الصباح بات مريضاً بوجع هذه الأمة

وفنجان قهوتنا المعتاد بات بلا طعم ولارائحة لإنّ طعم الحياة من حولنا أصبح ممزوجاً بروائح الحروب والفتن والموت

باقات النرجس التي كانت تعطر طرقات دمشق فرّت من ويلات الخوف والفزع

وعطر الياسمين الذي تباهينا به منذ عصور اختفى تحت ركام الدمار والحطام المرسل لنا من قلوب حاقدة لاتعرف لغةً سوى لغة الهلاك والفناء

وأغنيات فيروز الرائعة التي كانت تبث فينا الأمل اغتالتها رصاصات أحقادٍ لاتعرف سوى تشويه كل ماهو بديع وجميل فأصبح صوتها الملائكي بلا شجن ولا سحر

أناشيد الوطن والعروبة أمست باهتة ضعيفة لاصوت لها ولارنين فقد تكسرت تحت حجارة الحسرات التي تعم وطننا العربي

فلسطين التي كانت مهوى أفئدة العرب , وحريتها شعار كل حرّ أبيّ تحولت إلى صفحة مطوية في كتب الكثيرين , مخفية عن القلوب والحناجر والضمائر لهول مايحدث حولها من فظائع مؤسفة

كلماتنا أصبحت بلا معنى جوفاء تتناثر حروفها بسهولة في فضائنا ولاتلبث أن تتساقط لتبتلعها أعماق المجهول !!

فقدنا الكثير من جمال الحياة وجمال الأشياء وجمال العواطف , بتنا نصغي مرغمين لأصوات أخبار الموت والدمار , ونفزع من غدٍ مخيف ينتظر أمتنا , نبكي لمشاهد حربٍ مجنونة , ونحزن لمشاهد تهجيرٍ أعمى مُذل .

غربان سوداء تحوم في أحلامنا فتقض مضاجعنا , وكوابيس مؤلمة تقتات على أفكارنا ومشاعرنا

لم نعد نحن كما كنا وكما حلمنا وكما تمنينا وكما نريد , كل مافينا تغيّر كما كل ماحولنا تغيّر , أولنقل كما أرادت قوى الشّر أن يكون كي لانحيا ولانكون .

أمنية

 

أمنية

 

لازلت أبحث بين القصائد عن شعر إلهامه وعطره من الورد وبوحه وكلماته للورد ....

همسة

 

همسة

 

كلما أردت أن ابتديء كلماتي بك , أجد حروفي تتطاير كفراشات الربيع في كل اتجاه فلا يبقى لك أثر فوق أوراقي , فقط قلبي هو من يضم ذكراك, حتى نقاطها تتساقط كحبات المطر وتنساب على طرقات الحياة لتستوطن أعماق الأرض , وتبقى وحدك من دون كلمات وحروف ونقاط سيد روحي .