في الحروب يتجول الموت في كل الدروب ناشراً مآسيهِ وخرابهِ وفنائهِ على كل شيء يمرُّ بهِ !
في الحروب تتحطم كل أيقونات الجمال والفرح والابتسام والأمان والسّلام تحت معاول الدمار !
في الحروب تتشتت الأجساد والأرواح والحقائق والمشاعر والقيم والأخلاق نتيجة إعصار الظلم والشّر الذي يثور ويعصف بما تبقى من بقايا الحياة!!!
في الحروب تتغير مفاهيم وقوانين الكون , فلا نرى سوى سحباً من الظلام تلفُ عالمنا وصقيعاً من الخوفٍ يجثمُ فوقَ قلوبنا وأعمارنا !!
في الحروب تكثر أمطار الدموع على من رحلوا وعلى من بقوا في مهب المجهول !!
في الحروب تصمتُ أصوات البراءة وتصرخ أبواق الوحشية !
في الحروب تتمزق لوحات الحياة وتزول وتبقى رسومات الموت ملطخة بالدماء على جدران وطرقات المدن المنكوبة!!!
في الحروب تذبل زهور الأرض وتتبعثر على تراب وطنها منذرةً بالانهزام والسقوط والموت أمام سيول السموم المتدفقة من القلوب الحاقدة , وتنمو أشواك الفراق والرحيل المؤذية للأيدي التي تلامسها وهي تتخبط في ظلام الفزع والحيرة , وتدمي الأقدام العارية الهاربة من جحيم وويلات الحروب الآثمة !!!!!
في الحروب تُصاب القلوب بكلِّ أمراض الفناء الحتمي فإما تنهار وتفنى أو تُصاب بالتحجر فتموتُ فيها نسمات الإنسانية وتمرضُ فيها المشاعر فتصبح بلا حول ولا قوة !!
في الحروب لا وقتَ للراحة ولا لتبادل المشاعر النبيلة التي تجعلنا ننتمي للإنسانية , حتى تلكَ القلوب التي كانت تمتلئ بالحب في زمن السِّلم تحولَّت إلى مساكن يعششُ فيها القلق والارتياب والخوف والتَّرقب وانتظار المجهول المخيف , وعلى جدران تلك القلوب لافتاتٌ مكتوبٌ عليها لاوقت للحب , لا وقتَ للشوق , لا وقتَ للحنين , كلُّ المشاعر مؤجلة إلا شعور خفي لا نملكُ أمامهُ إلا الرضوخ بكلِّ اندفاع وبلا تفكير , شعورٌ أمامه ننحني ونبذل الأرواح والقلوب ومن في القلوب , إنهُ شعورنا بحب الوطن , أعظم حب يمكن أن نستسلم لهُ وأشرف حب يكمن في داخلنا يتوهج نوراً وقوةً في أزمنة الحروب , أمام هذا الحب المقدس تصمتُ كلُّ دقات الحنين إلى من نحب وتتوقفُ نغماتُ الغرام عن العزف على أوتار الشوق إنحناءً أمام الواجب الوطني , وتصبح رسائل الهيام المتبادلة بين القلوب العاشقة دعوات وأمنيات بالنصر والسلامة .
فهل الحروب تقتل الحب بالقلوب ؟ أم تحرق وتحطم مشاعرنا الإنسانية لتجبرها على تبديل رداء النقاء والفرح بردائها الأسود الكئيب ؟
و هل الحب يصاب أيضاً بالفزع من أهوال الحرب فيفرُّ هرباً من ويلاتها ليحيا في مكانٍ آخر حاملاً للأبد وزر رحيله الإجباري ؟
أو هل يموت الحب ويُدفن في أرض الأحزان المؤلمة ؟ أم يبقى في زوايا قلوبنا ينتظر نهاية المعركة لأنَّ حُباً أقوى وأكثر تأثيراً وأثراً يتصدر أرض الحروب هو حب الوطن ؟
تساؤلات كثيرة لايملك الإجابة عليها إلا من لامس العشق والحب قلوبهم واستوطن بها في أزمنة الأمان وذاقوا الشتاتَ والفراق والانتظار الصعب في أزمنة الحروب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق