بلا عنوان
كثيرة هي الرسائل والكلمات والهمسات التي امتلأت بها مساحات من أوراقي منذ أن بدأتُ أتهجى أبجدية الحب , وأتعرف على مدرسة الحياة , وأقرأ حروفاً عن الهوى وعناويناً عن العشق وقصائد عن الفرح ورواياتٍ عن الأحلام ...
لاتزال في مهدها البريء تنظر بحياء , وصمت وهدوء لكل مايدور حولها على امتداد الأعوام والأيام , ترى عواصف الزمن تأتي وتذهب فتختبيء في زوايا المكان لتبكي عمراً رمت به الأحداث بحجارة القسوة والفراق والحنين فأدمت روحه ...
وتستمع إلى أصوات الخوف والخداع والنفاق فتصم آذانها وتهرب من هول تلك الأصوات التي كانت تظن أنها لاتكون سوى في الحكايات وقصص الجدات الخرافية ...
أوراق طفولية تحمل صفاء المحبة وأنفاس الطبيعة بكل مافيها من عفوية وتقلبات ومشاكسات , أوراق وإن بدأ الذبول على صفحاتها فإن اخضرار ورونق الحياة لايزال يجري فيها فيحول كلماتها إلى جداول معتقة بالجمال , وكيف لا تكون جميلة وقد احتضنت على امتداد الأيام بين يديها زهور الياسمين وأوراق الورد فارتوت من شذاهما فأصبحت أوراقاً من عطر ....
لم تعرف إلى اليوم عنواناً يبهرها لتذهب إليه !!
ولم تصادف صندوق بريدٍ يتسع لكل تلك الأحلام والكلمات والأشواق والرسائل والأمنيات لتلقي بنفسها داخله لعله يحملها إلى أرضٍ لاتعرف سوى النقاء والحب !!!
ولم تجد من يستحق أن تسافر إليه كل يوم في زورق الخيال وبريق النجوى وتهديه أطيافاً من شذا الهمسات لتبحر إليه !!!
أوراق تتجول برقة داخل أسوار قصرها الكبير تنظر من نافذة الزمن على مايدور من صخب ومايشتعل من نيران ومايُقرع من طبول ومايتفجر من ثورات ومايُرتكب من خطايا وما يُراق من آثام , تبحث بين الوجوه المقنعة والشاحبة والمذعورة والقلقة عن وجه ٍ مختلف له ملامح حقيقية وقلبٍ حقيقي وعنوان حقيقي أمامه تتوقف عن الترحال وطرح ألف سؤالٍ وسؤال , يجتاح صمتها وسكونها كإعصارٍ , ويحتل مساحات وجودها كأبهى احتلال ......