إلى أخي الحبيب " كل عام وأنتَ بخير "

إلى أخي الحبيب " كل عام وأنتَ بخير "

 

لاأعلم لماذا كنت حريصة جداً اليوم على أن أهاتفك لأقول لك كل عام وأنتَ بخير , مع أني على يقين أنكَ وسط عاصفة ربيع العروبة الأسود المخيف قد تكون نسيت تاريخ ميلادك !!

وأعلم أننا منذ عدة سنوات ونحن نلتف في مثل هذا الشهر بغلالات حزن عميق على ذاك الغالي العزيز الذي رحل عنا فجأة وترك في قلوبنا جراحاً أنستنا الفرح وجعلتنا نتبادل التهاني في جميع مناسباتنا بخجل وغصة !!! رحل هو وتفرقنا نحن على مرافيء الدنيا , كلٌ منا في أرضٍ بعيدة نخشى أن نفقد بعضنا البعض ونحن في غربة قسرية , ونخاف أن يأتي يوم تتلاشى فيه الكلمات والأصوات التي باتت سفيرة الوصل بيننا ....

أنتَ الآن في خضم تلك النيران المشتعلة حولك , ووسط الأهوال التي تعيش في كنفها فكان لابد أن يأتيك صوت يعيد لك الأمل ويُشعل في أيامك ضوء حياة مختلف عن ماتراه كل يوم ؟!!!!

لقد أسقطوا كل أشجار الانتظار وورود الأمل وأحرقوا ياسمين الحنين , لاحقونا إلى حيث بقاع لجوئنا , أنتم هناك تكابدون الفزع وتغرقون في أنهار الدماء المسفوكة ظلماً , وتهرعون من أصوات القذائف وتختبئون من الحطام والموت , ونحن هنا نحيا في فزع وقلق عليكم ....

ومع ذلك ورغماً عن كل من حاك تلك المؤامرات ضد وجودنا وجعل خبزنا معجون بالحزن , وماءنا اليومي ملوث بالقهر واليأس أقول لك كل عام وأنت بخير وكل يوم وأنت بسلام وأمان وكل ساعة وأنت بعيد عن سحابات ذلك الربيع المشؤوم وكل ثانية وأنتَ بفرحٍ وطمأنينة ...

حلم

   حُــلم

وعندما يهطل النوم أقف خلف نافذة الأحلام

لأراك وحدي

فكل هطول نوم وأنتَ بخير

وكل حلم وأنتَ فيه

همسة

 همـــسة

من صقلتها رمال الغربة وعواصف الرحيل , ودموع الفراق والأحزان , تتقن طرق الحياة بعيدةً عن وجوه النفاق وألسنة الخداع , والوقوف على نافذة الوحدة في سلامٍ وإلفة وطمأنينة بعيدةً عنك ....

قدر

 

قـــدر

 

لاشيء يُرجعني

كأني أمشي مع الوداع على رمال رحيلٍ مجهول لاأعرفه

أتسابق معه على طرقات الفراق فيهزمني

واختبيء منه في زوايا الأيام فيلاحقني ..

أصبح قدري الأبدي لايُفارقني  ولاأفارقهُ 

خذ مني العمر

خذ مني العمر

خذ مني العمر

فبعد رحيلك

اختبأت الأحلام

وأمسيات السّهر

احترقتُ بالبكاء

وتهاويتُ كورقة

سقطت من دفتر الحبّ

وتاهت في أكوام الحزن

ولهيب الجمر

خذ مني العمر

واكتبني كلمة من عطر

على ثغر قصائدك

لأقبل جبينك المرسوم في ذاكرتي

كبرعم وردٍ على ضفاف القمر

يكفيني أني دخلتُ تاريخك

فأصبحتُ غيمة ورد

حملتها رياحك وعواصفك

إلى أرضك وسمائك

فكنتُ في ربيعك هوىً

وفي صيفك شذاً

وفي خريفك ندىً

وعند صقيع شتائك

هطلتُ بلا تفكير

حنيناً ودمعاً

وكُتباً وحبراً

وبدأ ميلاد الهروب منك

إلى معابد القصائد

ومدن الشّعر

فهل تمنحني لآخر مرة

فرصة العبور

نحو مملكة حروفك

لأنتقي ماتركت لديك

من أبجديات الهوى

ثم خذ مني العمر

ألف شكراً

ألف شكراً

ألف شكراً لأنك استطعت بكثرة زيفك أن تجعلني أضع نقطة النهاية بكل بساطة في آخر سطر من أحداث قصة بدأت بيننا في لحظة كانت خالية من كل أنواع الصدق وانتهت الآن بكل اتزان وعقلانية وحكمة …

ألف شكراً لأنك جعلتني أتأكد أننا نحيا في زمن يحكمه ميزان عدلك الخاص الذي ترتفع كفته عن كفة كل الأحكام والشرائع والقوانين مما جعل منك رجلاً غير مناسب في مكان لاتستحقه …

ألف شكراً على ذلك الحزن الذي استطاع أن يجعل من أحزاني وجراحات الأيام والسنين مجرد نسمات أمام عواصفك الخطيرة ….

ألف شكراً لتلك الأمسية الأخيرة فقد كان لها الفضل في كشف قناعك المتقن عندما أجبرتك أحداثها على المرور أمام أضواء الحقيقة رغماً عنك فلم تستطع إلا أن تسقط عن وجهك ذلك القناع الذي احتفظت به لسنوات وأنت تعيش داخل أسوار عالمك المظلم الشديد البرودة والسوداوية ….

هذه هي الحياة

هذه هي الحياة 

هذه هي الحياة , تريد أن تحيا فيها آمناً مطمئناً , تستيقظ بفرح وتعمل بسلام وتنام بهدوء , تحب وتضحك وتمرح وتتنقل بين مشارق الأرض ومغاربها بكل حرية ....

تحمل بيدك مفاتيح السعادة والغنى , وتمتلك خيوط الأحلام الوردية تنسج بها بكل يسر وسهولة أثواب الأمنيات الجميلة ... وفجأة تجد نفسك أمام أناس فقدوا كل شيء وتحولوا إلى ذئاب وثعالب ضارية تحيا بيننا بأقنعة متعددة , تخفي من ورائها أكوام من الأحقاد السوداء وسلسلة لامتناهية من الخبث والدهاء الاجتماعي بحيث لايمكن التعرف على مايضمرون لك رغم قوة إحساسك بطاقتهم الشريرة التي تنبعث منهم بمجرد رؤيتك لهم !!!!

هؤلاء هم الخطر الحقيقي في عالمنا الإنساني الذي يتحول بتواجدهم إلى عالم متفجر بالأخطار والشرور والنيران الحارقة التي لاتقترب إلا من كل ماهو في الحياة جميل ونقي وطاهر , فتعمد إلى تلويثه لتنفرج أساريرها وتلتئم ندوب روحها المتخمة بالجراح والقسوة والغل الأعمى ؟!!

قد تبقى لفترات طويلة من حياتك وأن تحاول جاهداً الابتعاد عن أمثال هؤلاء , وتجنب الاقتراب منهم , لكن هذه الحياة المتناقضة بين الخير والشر لابد أن تقذفهم من أوحال أقبيتها العفنة لتضعهم على طرقاتنا , ليصبحوا لعنة لابد لنا أن نجتازها بحكمة وصبر وقهر ودموع ودعاء إلى الله كي يكون لنا حامياً من سخط قلوبهم الملأى بالكره والضغينة لكل الناس .....

هكذا هم , يتسللون إلى حياتك فيعيثون فيها فساداً وعبثاً ليسلبوك إنسانيتك فتصبح عضواً جديداً في مجموعتهم التي تجوب الحياة بألبسة مختلفة من التزييف والخداع ليقنعوك بما يريدون , حتى إذا مانالوا من روحك وفكرك لم يعودوا آبهين أن يظهروا بوجوههم الحقيقية الساخرة المستفزة .....

هؤلاء شرٌّ لابد منه شئنا أم أبينا ولارادع لهم إلا إذا تعاملنا مع مايقع علينا من شرورهم بحكمة تجعلنا نزداد قوة ومناعة بدل أن نقع في شرك الندم والضعف وهذا لايكون إلا باللجوء إلى الله أولاً فمن وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد ؟!!

علينا أن لانفقد أنفسنا فهذا أقوى سلاح نشهره في وجوههم لأن وجود الله معك يزيدك قوة والقوة تجعلك قادراً على نزع أقنعتهم ليظهروا أمام الملأ على حقيقتهم وهذا أقسى رد على كل ماارتكبوه وما قد يرتكبوه بحق الإنسانية  .....