احتفال فوق الآلام والأحزان
عندما وقفت على شرفات هذا الزمن وسط أناس كثيرين يحتفلون بما يسمى
قدوم عام جديد ورحيل عام مضى , شعرت كم من الإساءة يوجهها أولئك للإنسانية إذ لاهمْ
لهم سوى الصخب والتقليد الأعمى السخيف !!!
يرقصون ويحتفلون تحت شعار البحث عن السعادة والفرح بأي وسيلة , فليس
المهم لديهم سوى أن يحيوا مع نزواتهم ورغباتهم دون النظر لما يحصل خارج أسوارهم
التي تشكل حجاباً بينهم وبين من يعيشون في ظلام وصقيع هذا الزمان القاسي الذي أمطرشعوباً
بالألم والدموع والموت والفراق والخوف والفزع بلا رحمة ولاهوادة ....
أليس من السفاهة أن نحتفل بالأعوام وأوطاننا تحيا وسط ظلام أسود لم
ينتهي منذ عقود ولايزال يشتد حلكة واسوداداً عاماً بعد آخر !
أليس من الظلم أن نضحك بلا مبالاة وهناك شعوباً لنا وأهل وأصدقاء
يعذبون ويموتون ويقتلون بدم بارد بلا ذنب فقط لأنهم كانوا على مرمى الصراعات بين
الكبار الذين يحتفلون الليلة على جثثهم وعلى شتاتهم وبردهم وخوفهم !
ليت من استقبلوا العام الجديد بالرقص والعناق والاحتفالات الباهظة
فرحين مبتهجين بالأيام القادمة التي يعتقدون أنها رهن إشاراتهم يتعظون بما حصل لأولئك
المتألمين الذين يكابدون مختلف صنوف العذاب النفسي والجسدي ويحترقون بنار العنف
الذي لم نسمع أو نقرأ عنه على مدى العصور !
فلترحل أعوام ولتأتي أعوام ولكن لنبقي ولو القليل من إنسانيتنا داخل
قلوبنا وضمائرنا لتذكرنا بالرحمة والصدق والعطاء لنواسي ولو من بعيد جراح الأبرياء
دون أن نجرحهم في مشاعرهم ودون أن نؤذيهم أكثر بما نفعله على الملأ بشكل يدل على
عدم الاهتمام واللامبالاة وأمام أعينهم !!!!!!!!!!!
وكل عام وأوطاننا وشعوبنا وأهلنا وأصدقائنا بخير وسلام وأمان بأمر
الله ومشيئته .