الزَّمن الجميل
كلما شاهدت فيلماً من أفلام الزمن الجميل بالأبيض والأسود أشعر
بجمال ورّقة تلك المشاعر ونقاء العلاقات بين الناس في كل أمور الحياة , حتى الحب
كان لهُ خصوصية ومصداقية لانراها في زمننا هذا !!!
تبدلت قيمنا وعاداتنا ومشاعرنا وقلوبنا وأهوائنا , وكلما تقدمت
التكنولوجيا ازدادت حياتنا تعقيداً وشقاءً وصعوبة وكأني بعصر الألوان والتقدم قد
نثر على أجسادنا وأحاسيسنا وأشكالنا ألواناً مزيفة , سامة تغلغلت إلى أعماقنا
ولوثت الجمال والنقاء والعفوية فيها , فلم نعد نرى من حولنا سوى الحذر والخوف
والنزاعات والكذب و الخداع , لذلك نهرب من هذا الواقع إلى زمنٍ مضى نقي غير ملون
أو ملوث , زمن لايوجد فيه سوى لونين اثنين الأبيض والأسود فلا نتعذب ولانشقى في
البحث عن الحقيقة , بينما في أيامنا هذه نحن نغوصُ في بحار من الألوان لاندرك
حقيقتها ومدى زيفها بسهولة
كلّ شيء تبدل وتغيّر , الحياة , الناس , المفاهيم , والسلوك ,
والمشاعر والحبّ , والأفكار , لم نعد نرى في العيون مودة وصدق ولا في التعامل
إخلاص ووفاء ولا في الحياة أمانٌ وسلام ولا في السّلوك أدبٌ وأخلاق حتى الأفكار
غدت مشوشة تعجُ بالأخطاء والضياع تتلون حسب أمزجة هذا التقدم التكنلوجي المخيف
الذي خيّمَ علينا بابتسامة التطور والحداثة والسهولة فأغرقنا وحوّلنا بكل ما نحملهُ
في ذاتنا من مشاعر إلى آلاتٍ تكاد تكون خالية من أيّ نبضٍ أو إحساسٍ أو حياة فنترّحم
على ذاكَ الوقت كلما حانت لنا الفرصة
للعودة بإنسانيتنا وأحاسيسنا إلى الزمن الجميل عبر تلك الصور البيضاء والسوداء على
شاشات التلفاز وكأننا بتلك العودة نشحن قلوبنا وأرواحنا بنقاء الحب والمشاعر لنحيا
.