هاجس
هناك هاجس يلح علي كثيراً هذه الأيام في إعادة ترتيب تلك الحروف والأسماء والكلمات والتواريخ والقيم والمشاعر والأحاسيس في قلبي وعقلي , فهذا الصخب الذي لازمني لوقت طويل , أضجرني وكدر صفو أيامي وأصابني بالملل والتعاسة وأرهق أفكاري وجعلها تتخبط وسط طرق الوهم وتتسكع على ناصية اليأس , لقد أصبحتُ كشجرةٍ في مهب العواصف والأحزان تنهال علي رياح الغضب من كل جانب تكاد تحطمني وتقتلعني من تلك الجذور العميقة التي جعلتني دائماً انتصب بشموخ مهما انحت أغصاني الصغيرة البريئة لهبوب عاصفة أو زمجرة إعصار!!
أعترف أنني أُصاب بالشلل التام أمام أمانة وضعتها الأقدار في عنقي فأعجز عن الحركة !
وأرسم ابتسامة رضا على وجنات أحرقتهما نار الدموع وصفعات الأيام البائسة كي أقهر الحياة !
وأتخفى خلف ستارةٍ نسجتها بيدي مبتعدةً عن عيونٍ وأفواهٍ فضولية لأحفظ تاريخ من رحلوا وأدفن ذاتي داخل نواميس المجهول !
إنني أدرك كم أنا أسيرة تعيسة وسط قضبان الذكريات !! وكم أحيا ضمن معادلة رهيبة رسمتها بين تقاطعات طرقٍ ثلاث في أخطر نقاط الوجود حيث أجد نفسي في دوامة ما تأتي به طريق الماضي وصور من رحلوا فيه غياهبه , وطريق الحاضر الذي تتطاير شظايا أشواكه حولي قادمة من صحراء الواقع وسوداويته , وطريق المستقبل المليئة بركامٍ من الغموض والخوف والإحباط ومكلله بسحبٍ رمادية تجعل الرؤية صعبة ومتعسرة !!!!
ويبدو أن دقات هذا الهاجس المتتالية هي رحمة إلهية كي أستيقظ من ذلك الكابوس الثقيل ؟.....
لكن يبقى عندي تساؤل وأنا أفكر في الاستجابة لمطلبه , لو قررت فعلاً أن أُعيد ترتيب ما تكدست به الأحوال والأهوال والأزمان في قلبي وعقلي كم من الكلمات والأسماء والذكريات والأحداث والأحزان سيُمحى ؟!!
وكم من أماكن الفراغ سيكون ؟؟ وكم من كلماتٍ وأسماءٍ وذكرياتٍ جديدة سيحل في ذلك الفراغ ؟؟وكيف سيكون ترتيب الأولويات ؟؟
والسؤال الأصعب هل سأقوى على الاقتراب من تلك الأمكنة وإعادة ترتيبها من جديد ؟!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق