لاتعيبوا عشقنا لعواصم التاريخ
يعيب علينا البعض عشقنا لأرض اللجوء التي فيها ولدنا وفيها لعبنا
وفيها عشنا كل الفصول والأيام والأعوام , فهل كانت يوماً بغداد وبيروت ودمشق ملكاً
لأحد سوى للزمان وللحضارة والتاريخ ؟!
وهل أصبحت ذكريات الطفولة عاراً علينا إن عشقنا هواء من درجت أقدامنا
الصغيرة على مساحات ترابها واحتضنتنا برحمة وقبلنا نسماتها ببراءة ؟
هل يستطيع أحد أن يمحو سنواتٍ من عمره قضاها في مدنٍ حيث أوصلتنا
إليها عواصف الرحيل والغربة وباتت جزءاً متمكناً من عمرنا وتاريخنا وحياتنا ؟!
لقد وجدنا أنفسنا جيلاً بعد جيل نعيش ضمن طقوس تلك العواصم التاريخية
, نتجول في أحيائها ونشرب من مائها ونأكل من طعامها , نفرح لأعيادها ونبكي
لمأساتها , نتفاعل مع أحداثها بكل أحوالها , لم ننتظر منها أكثر ولم تنتظر منا
الأكثر !!! إنها علاقة بيننا وبين كل ما كان على أرضها من تاريخ وحضارات لأننا شاء
من شاء وأبى من أبى أصبحنا جزءاً من تاريخها وحضارتها , وانتمائنا لم يكن يوماً
لأشخاص بل لتاريخ تلك العواصم والمدن , فالأشخاص زائلون والمدن باقية والعمر يمضي
حاملاً ذكريات لايمكن نسيانها بكل مافيها من فرح وبكاء ووداع ورحيل وموت وحياة ,
فلا يستطيع إنسان أن يقتلع ذكريات حياته من أرض عاش عليها فقط لعدم انتمائه لها
ولايمكن لإنسان أن يُطالب بعدم حبه ووفائه لوطن ولد وعاش فيه لأنه ليس وطنه
الحقيقي !!!
فوجودنا في أراضي الشتات لم يُنسينا أرضنا وحبنا لتلك
المدن لم يزيل حبنا الأبدي الذي يسري في دمائنا لمدننا الفلسطينية التي انتقل عشقنا
لها بالدم والروح من أجدادنا وآبائنا
ثمّ من قال أنّ تلك المدن العريقة بتاريخها هي ملك لأحد سوى من هو وفي
لحضاراتها وجمالها وأصالتها .......