أنا كمدينةٍ وضعتها الأقدار في أرضٍ منفية , محاصرة بكل أشواك
الحزن والفراق , تنبتُ في رمالها أمنيات لاتلبث أن تذبل , وتجوب طرقاتها أحلام من
خيال تتبعثر متلاشية لكثرة اصطدامها بجدران الواقع المؤلم !!
تزورها بين الحين والحين نسماتُ هوىً فضوليه تطوف أرجاءها ثم
تغادرها إلى مدنٍ أكثر سلاماً وألواناً وحياة , تبتسم للحظاتِ فرحٍ عابرة لها
وتسجدُ شاكرةً لانهمار أمطار الأمان على أرضِ وجودها حيثُ الغربة والوحدة والقلق المجهول
!!
تصادق القمر وتبوحُ لهُ بخلجات قلبها , لأنهُ الوحيد الذي يضيء
عتمةِ ليلها !
تكتبُ على جدرانها الرمادية خربشاتٍ دافئة لتحميها من صقيع الحياة
, وتهمسُ على أوراق الأيام بالشوق والحنين لطيفِ حبيبٍ سكن قلبها ذاتَ يومٍ ثم غاب
على وقعِ أجراس الرحيل التي تدقُ في نواحيها كل حين منذرةً بالفراق والغياب!!!
تقفُ كباقي المدن الأسيرة تراقب من خلف ستارة الزمان قدوم نبوءة
القدر ومجيء أيادٍ من نارٍ ونور تشق طرقات العودة إلى حضن وطنها البعيد .